السبت، 28 نوفمبر 2015

ما أفعله بدلاً من كتابة أطروحتي



قبل المغيب، ترى أضواء المدينة قد أفاقت من قيلولة النهار
نحيب النوارس يبدو كترنيمة نسجت من زغب الحنين
 وهي تقطع عباب السماء عرضاً
باتجاه الغد
يستيقظ  الطفل بداخلي أيضاً وينظر باتجاه المغرب
حيث ينحسر الأفق إلى نقطة قبل ان تتزوج السماء بالبحر
ويولد القمرعلى عجل
 ل يسلي الأناسي ريثما تأخذ الشمس غفوتها هي الأخرى
 بعد سنوات ، هل سأعود بذاكرتي إلى هذه الغرفة
كبيرة النوافذ ، عديمة الستار؟
زجاجة من الرمال وأصداف كثيرة قد جابت العالم
 قبل ان تستقر على رفّي المكسو بالغبار
كتب مبعثرة في أرجاء المكان
قرأت نصف نصفها، والبقية متدثرة بغطاء هزيل من الإهمال
عناوينها لم تكن مثيرة
في إحدى الأركان بالونة زرقاء
 أخذتها من حفل عيد مولد
اشتريت له هدية، ذاك الفتى الوسيم
لا اذكر اسمه ، لكنني 
لمحته بالأمس ،محض غريب
 في بحر من الغرباء
كمنجة مقطوعة الوتر قابعة على الأريكة
تندب فقدها الجسيم
بصمت 
آلمتني وخزات الخيبة عندما عوقتها، فقد كانت عندي أثيرة
لكن ما أوجعني بصدق أنني
بكل حرص كنت أدوزن الوتر الخطأ
لم ألاحظ من قبل كم أن هذه الغرفة تمثلني
كل ما فيّ و كل ما أريد أن أكون
الزمن متوقف بين هذه الجدران
كحوض من زجاج يعزل الأصوات جميعاً
في لجة من السكون

قبيل الغروب حتى الطيور تأوي إلى مهاجعها
بانتظار الغد

في شتاء العام الماضي أخبرني احدهم ان بطئ الغسق مزعج جداً
 كنا على ذلك الشاطئ نرسم أحلامنا 
 خلسة على صفحات الرمال عندما يغيض الموج
ونضحك هنيهات عندما تتلاشى 
مع تقدم الفوج
لص بغيض، ترسانة من الملح والماء
يسكتثر على الأطفال فينا محض أوهام
في ذلك الحين
لم نكن نقدّر بطئ الكون كثيراً
"في قلبي" كانت "صدامات كونية" ،وعواصف من الإرتياع
بوادر من التخبط والضياع مطبوعة على محياي
و بواقٍ من حطام ذاتي الفتية
 تسري من الصدوع في صدري
كلما جفلت مقهقهة 
كنت مشغولة بـ "العيش", غافلة عن لحظية الحياة
وفجاءة الزوال
لم تكن حطاماً، تلك البضيعات التي تنسل من داخلي
بل حبيبات تنساب من الشقوق في ساعتي الرملية
و الغسق العجوز كان يأخذ وقته في تذكيرنا بأن ذلك اليوم
قد لملم سرابيله
بلا رجعة
أجبت بأن "جمال المشهد يكمن في سرمديته"
و ضحكنا كثيراً على تلك الترهات الشعرية
ربما كان الشعر يتسرب من داخلي أيضاً، كلما ضحكت وبكى داخلي كمداً
لم نعلم بأننا سنكبر سريعاً خلال عام
كبرنا سريعاً، وبتنا نود لو أن يطول الغسق أكثر
أن يمشي الزمن الهوينى
أن يأخذ الغد وقته في القدوم
كبرنا سريعاً وأدركنا بتوجس أن ساعاتنا
 قد شارفت على التوقف
وأننا لن نستعيد سويعات السلام التي لم نضحك فيها
أو لم نبك عليها قط
أننا سنهدر ما تبقى من أعمارنا نحسب حبات الرمال الصامدة
تتشبث عبثاً قبل السقوط الى دهاليز الِهرم
الغسق لم يكن دهراً، على نقيض ما ظننا
قبل عام
الغسق استمر وهلة
للحظة تجاوز الأفق حدود الزمان والمكان
لغمضة عين
ظننا أن الخلود ممكن، لبضع ثوان
لكن لحظات السعادة تمضي قبل أن ندركها 
ونحن نعبر خضم الحياة في مركب من العجلة
بعد عام من الغفلة
وانا انظر من خلال نافذتي
أدركت ان نصف ساعة من السكون شيء ثمين
في نصف ساعة قبل أن يلملم النهارمتاعه ويهم بالرحيل
 تبدو بوادر القمر على استحياء من بين أسدال العتمة
وتأخذ السماء لوناً أرجوانياً قاتماً
في غضون نصف ساعة ستشتعل تلك المنارة عند الساحل
 قبساً يهدي الهائمين
بينما ترنو أعمدة الإنارة على مد الخليج في سباق تتابع
هكذا ملحمة لا ينبغي استعجالها
في نصف ساعة سألف شريط محادثاتنا على ذلك المقعد 
وأستمع إليها مراراً تحت نور النجوم
بعد ان استيقظت في تذمر
مطلة على شرفة الماضي، وفي يدي
 كأس من التدبر
مزدان بروح من الطمأنينة
أرشفه ببطئ ، متدفئة بأنفاس المساء
في نصف ساعة من الصمت المطبق في داخلي
حواسي النعسى ستستيقظ من خمولها
وتحفظ تفاصيل ما حولها
صخب المدينة
بقعتنا المفضلة في تلك الحديقة
غناء جاري النشاز
وأصوات ضحك و صراخ من تلفاز
عقد الهُيام الغارق في قعر الخليج
قرقعة الزوارق على الشاطئ القريب
هذه الغرفة ، فارغة و ملأى في آن
بصدى دقات قلبي المتباطئة
و آخر ذرة من الرمل في ساعتي
صامدة في استنفار على حافة الوهد
وبعد انقضاء تلك اللحظة
التي تستمر قرناً من الزمان
سأرحل مع بقية النور وفضلة النهار
راضية 
نحو الغد



هناك تعليق واحد: